المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
الجامعة الإسلامية
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم التربية / ماجستير صباحي
الفكر التربوي عند
الإمام الشافعي
رحمه الله
إعداد الطالب:
مكي شريف هداية الله
إشراف:
د. عيد الجهني
العام الدراسي :
1435ه/1436ه
المُقَدِّمَةُ
بسم الله الرحمن
الرحيم
إِنَّ
الحمدَ لله نحمدُه ونستعينهُ ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسِنا،
ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومنْ يضلِلْ فلا
هاديَ له، وأَشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لاشريكَ له، وأَشهدُ أَنَّ
محمدًا عبدُهُ ورسولُه.
أما بعد
يُعد
الشافعي من أبرز علماء الإسلام ذكرا، ومن أكثرهم أثرا، وأبعدهم مدىً، ولا زالت
أفكاره محل عناية وتمحيص لأغراض دينية وغايات أدبية، ولعل الجانب التربوي –رغم
غوره العميق-لم يأخذ حظه من الدراسة المنهجية الدقيقة لأن المخيلة العربية تحمل
صورة الشافعي الفقيه ويكاد يعزب عن الأفهام وساحة الإعلام شخصية الشافعي المعلم؛
صاحب الآراء التربوية الرائدة والإبداعات الفكرية الوافرة. إن ملاحظة عابرة للكتب
الخاصة بالفكر التربوي الإسلامي تكشف على الفور غياب هذه القامة العملاقة من ساحة
الحقل التربوي كعلم من أعلام التربية الإسلامية، وحقيق بنا أن لا نحرم طبقة
المعلمين والمتعلمين من بعض أفكاره الرصينة في مرحلة إعدادهم لمهمتهم الجليلة ولو
على سبيل التعريف الموجز.
لا
زالت مؤسسات التعليم مقصرة في التعريف بأعلام الفكر الإسلامي من مثل الشافعي ولعل
مثل الدراسة الحالية وأخواتها خطوة جادة نحو إثراء هذا المجال الأصيل. ويحمد لمكتب
التربية العربي لدول الخليج أن سلطت الضوء على هذه الشخصية العملاقة في كتاب من
أعلام التربية العربية الإسلامية وإن جاء البحث الخاص بالشافعي مستندا برمته إلى
مراجع تاريخية لا تتضمن ذكرا للدراسات التربوية التخصصية ولا تربط أفكار الإمام
بالأدبيات المتعلقة بالفكر التربوي وأصول التربية. في العام 2002م صدر كتاب كبير
عن منظمة الأسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) وتضمن بحوثا
مكثفة عن الشافعي في ميادين شتى ولكن ذلك المجلد الزاخر بالدراسات الرصينة لم
يتضمن بحثا واحدا عن الفكر التربوي عند الشافعي رغم أهمية هذا الموضوع للباحثين
وعموم المربين وشريحة واسعة من المهتمين.1
مشكلة الدراسة
إن
الدراسات الأكاديمية عن الشافعي كرائد من رواد التربية محدودة وتكاد تكون معدومة
مقارنة بسيل من الدراسات الفقهية عبر القرون عن ذات الشخصية ومعظمها تتضمن نقولات
مكثفة مكررة عن حياته وأقواله وتفتقد التحليلات التربوية والاستنباطات المرتبطة
بمعطيات العصر تربويا وثقافيا.
____________
1. الكندري, لطيفة
حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة.
جامعة سوهاج- الكويت. ص: 2. 2010م.
إن
الحاجة ماسة إلى دراسة تخصصية واعية لأعلام التربية الإسلامية وإحياء مسالكهم
التربوية النافعة لبناء نظامنا التربوي على أساسه في ضوء الموازنة مع معطيات العصر
الذي يفيض بالفكر والثقافة والإبداع. ليس لشجرة التربية والتعليم قيمة إن لم تكن
لها جذورها الراسخة وقابليتها للتكيف والنمو وجدير بالمعلمين اليوم أن يقيموا جسور
التواصل والتفاعل مع نفائس تراث سلفهم بما يكفل لهم هوية صادقة، وتربية نافعة،
وإضافة فكرية وافرة. القائمون على وضع المناهج التعليمية للأجيال القادمة
والمفكرون في قضايا إصلاح التعليم يدركون أن ميدان الفكر التربوي خصب والحاجة
الفعلية لها ماسة لاستكشاف وبلورة المزيد من محاسن التراث الإسلامي حتى يعم النفع
للفرد، وتتم الفائدة للمجتمع، وتزدهر المعرفة الإنسانية.
أسئلة الدراسة
1. ما العوامل التي أثرت في التكوين
الفكري للشافعي؟
2. ما أهم أفكار الشافعي في التربية؟
3. ما أبرز الوسائل التربوية التي
استعان بها الشافعي؟
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى ما يلي:
1. ذكر العوامل التي أثرت في التكوين
الفكري للشافعي
2. ذكر أهم أفكار الشافعي في التربية
3. بيان أبرز الوسائل التربوية التي
استعان بها الشافعي
أهمية الدراسة
تعد
المذاهب الفقهية من أعظم مقومات التربية الإسلامية وهي أقرب إلى عقل وواقع الناس،
ولقد التصق الفقه بالثقافة العربية الأصيلة ولا يزال الفقه معينا للمسلمين في
حياتهم اليومية يستمدون منه دقائق أحكام العبادات والمعاملات على حد سواء فالإسلام
عقيدة وشريعة غايتهما الكبرى هداية البشر عبر العصور.1
___________________
1. الكندري, لطيفة حسين
وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة
سوهاج- الكويت. ص:3. 2010م.
غفلت
المؤسسات التعليمية عن الكثير من ثرواتها العلمية المعطلة ومن هذه الثروات المنسية
الثروة الفقهية العظيمة، التي كان لها دورا عظيما في تنظيم واستقرار المجتمع
المسلم. يحتوى الفقه الإسلامي عموما على مضامين تربوية بدأ الباحثون يعتنون بها
ويكتبون عنها كمساق (مقرر) جامعي. يعتبر تراث الفقهاء حصيلة فكرية قيمة تشكل
المشهد الثقافي الإسلامي وتساهم في توجيه مساراته بصورة أو بأخرى على المستوى
الفردي والجمعي. إن مراجعة نتاج أعلام الفقه باتت عملية ضرورية لتنمية التراث
الإسلامي من جهة والفكر الإنساني من جهة أخرى.
تشهد
الساحة الثقافية تنوعا في فهم تراث الشافعي في قضايا عديدة من مثل قضية التسامح والتقليد والقانون وقضايا مختلفة
وهي دراسات معاصرة تقدم قراءات جديدة وليست بالضرورة صحيحة عن تراث
الشافعي. ومهما يكن الأمر، فمن “حق سلفنا علينا أن نتعرف على سيرهم، وأن نقف مع
أحداث حياتهم، وخصوصاً إذا كنا نريد طلب العلم، فإن القراءة في حياة أهل العلم لا
شك أنها من الأمور التي تكسب طالب العلم أدباً وفقهاً وخشوعاً وإعجاباً بهؤلاء،
والخير في هذه الأمة لا ينقطع” وإذا كانت انجازات حضارتنا في الميادين الطبية يشار
لها بالبنان في العالم فمازالت كنوزنا التربوية تحتاج إلى إبراز ومزيد عناية عربيا
وعالميا رغم المحاولات الجادة في هذا المجال .
لا
ريب أن الشافعي علم عظيم من أعلام الإسلام، ورائد التأليف المنهجي فيه من الآراء
السديدة لأحمد بن حنبل وهو القائل “ما أحد مس محبرة ولا قلما، إلا وللشافعي في
عنقه منة” وورد عن “عبدالله بن أحمد، قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك
تكثر من الدعاء له؟ قال: يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين
من خلف أو منهما عوض؟”. فكم من الدراسات الرصينة والأبحاث الموسعة جرت تحت عنوان
فلسفة الشافعي التربوية أو الاجتماعية أو الثقافية أو النفسية؟ إنها في أحسن
الأحوال دراسات معدودة إن لم تكن معدومة أو مختصرة أو مقتصرة على الأبعاد
الأخلاقية التي لا تتجاوز الكتب الدينية وآداب المعلم والمتعلم، وغير قادرة على
ربطها بمعطيات وأدبيات التربية المعاصرة. والقلة القليلة من الدراسات التربوية عن
الشافعي المعمقة في هذا النطاق تحتاج إلى المراجعة والتدقيق والإضافة فما زالت
كتابات الشافعي التربوية تحتمل قراءات جديدة، ونظرات متنوعة، نظرا لاختلاف السقف
المعرفي، وتغير المشهد الثقافي.
يلح
الباحثون على دراسة الشافعي بمزيد من العناية. إن القيام بالدراسات والبحوث
الثقافية حول هذا الموضوع وكشف تأثيراته الثقافية والاجتماعية والفكرية، وتحليل
أبعاده بات عملا ضروريا، لأنه عمل ذو أهمية بالغة في تثقيف شعوبنا وإنهاضها بالروح
الإسلامية الواعية . يعتبر تراثنا الفقهي ثروة تشريعية فريدة في تاريخ البشرية. إن
علم أصول الفقه وغيره من العلوم الشرعية لو التفت إليه التربويون والمهتمون بعلوم
التنمية والتدريب الإنساني لوجدوا فيه من المعارف والنظريات خيراً كثيراً .وعليه
فما زال تراث الشافعي في التربية ميدانا بكرا لم تمتد إليه يد الباحثين في المجال
التربوي وهذا يتطلب أن تحفز الجهود والأقلام للقيام بدراسات متواصلة أكثر عمقا
وأعظم نفعا .
_____________
1. الكندري, لطيفة حسين
وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة
سوهاج- الكويت. ص: 4. 2010م.
منهج الدراسة
تتبع
الدراسة الراهنة أسلوب تحليل المحتوى الكيفي لرصد وتحليل ومناقشة المضامين
التربوية لآراء الإمام الشافعي ولاستنباط المعاني الكامنة. يندرج أسلوب التحليل
الكيفي في الدراسات النظرية تحت باب الدراسات الوصفية التحليلية الاستنباطية.
وستقوم الدراسة الحالية باستخدام التحليل الموضوعي عبر تتبع الأفكار الرئيسة
لاشتقاق القيم والمضامين والمفاهيم والتصورات التربوية. التقنية المعتمدة في البحث
الحالي هي التعويل على الفكرة العامة كوحدة للتحليل والاستنباط مع تعضيد ذلك
بالأدلة الداعمة.
لقد
بدأ الاهتمام في أمر تحليل المحتوى واستخدامه كوسيلة للبحث في منتصف الثلاثينيات
من القرن الماضي. ينقسم تحليل المحتوى إلى تحليل كمي وكيفي. من أهم المجالات التي
يتناولها تحليل المحتوى الشخصيات والرموز الوطنية والدينية فلكل دولة من الدول
وأمة من الأمم، شخصياتها ورموزها الوطنية والدينية، التي تركت مآثر يشار إليها
وأعمالا يعتز بها . يرى المؤيدون لاستخدام الأسلوب الكيفي لتحليل المحتوى أنه
الأسلوب الأنسب في مثل هذه الدراسات لأنه يسعى إلى النظر إلى المضمون باعتباره
انعكاسا لظواهر أعمق، ويستخدم عادة في الموضوعات المتداخلة والمتشابكة .
حدود الدراسة
يستند
البحث الراهن إلى كتابين من كتب الشافعي وهما الأم، والرسالة إضافة إلى الشعر
والنثر المنسوب إليه والمبثوث في ترجمة حياته فضلا عن الدواوين الشعرية المنسوبة
إليه. والمشكلة في شعر الشافعي أن الكثير منه ينسب له ولغيره , وهو أمر وارد في
الأدب العربي حيث يقع اللبس في صحة نسبة بعض الأبيات إلى أكثر من شاعر.
ويقتصر
البحث على الجوانب التربية لا غيرها.
مصطلحات الدراسة
الفِكْرُ،
بالكسر ويُفْتَحُ: إِعمالُ النَّظَرِ في الشيءِ” وهكذا فالفكر لغة إعمال للذهن في
أمر معين. وقال بعضهم “الْفِكْرُ هُوَ إحْضَارُ مَعْرِفَتَيْنِ فِي الْقَلْبِ
يَسْتَثْمِرُ مِنْهُمَا مَعْرِفَةً ثَالِثَةً . وفي الاصطلاح فإن “الفكر التربوي
مجموعة الآراء والأفكار والنظريات التي احتوتها دراسات الفقهاء والفلاسفة والعلماء
المسلمين وتتصل اتصلا مباشرا بالقضايا والمفاهيم والمشكلات التربوية” كما يقول
سعيد إسماعيل علي. هناك عدة تعريفات لكلمة الفكر التربوي كمصطلح يتم استخدامه وتداوله بكثرة بين الباحثين في
العلوم الإنسانيَّة والاجتماعية. إن الفكر التربوي عموما يتسع لكل ما ورثناه من
اجتهادات أسلافنا وإسهاماتهم في شتى ميادين الحياة وذات صلة بالتربية والتعليم
والتثقيف والفكر حصيلة روافد شتى ويمكن أن يخدم العملية التربوية والتعليمية
كمبادئ وممارسات.1
_______________
1. الكندري,
لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات
المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 7. 2010م.
الدراسات السابقة
هدفت
دراسة أبو شوشة إلى التعرف على أهم القضايا التربوية المتضمنة على عدد من مصادر
المذهب الشافعي، ومعرفة مدى إمكانية الاستفادة من الفكر التربوي لفقهاء المذهب
الشافعي في مجال التربية في العصر الحالي. استخدم الباحث في دراسته الراهنة المنهج
التاريخي, وأسلوب تحليل المحتوى. وقد خصص الباحث سبعة فصول من فصول الدراسة لعرض
قضايا التربية التي أسفر عنها تحليل مصادر المذهب الشافعي محل الدراسة. توصلت
الدراسة إلى نتائج عديدة منها: أعلى فقهاء المذهب الشافعي من قيمة العلم والعلماء
مؤكدين فضل العلم وأهمية الاشتغال به وقالوا بأن طلب العلم عبادة تفوق منزلتها
منزلة النوافل من العبادات. لم ينتقص فقهاء المذهب الشافعي قدر العلوم الطبيعية,
بل جعلوا دراستها من فروض الكفاية, كما لم يحقروا الحرف والصناعات وعدوا تعليمها
من فروض الكفاية أيضا. اهتم فقهاء المذهب الشافعي بقضية التأليف العلمي ووضعوا له
من الضوابط ما يتضمن تحقيق الهدف منه والمتمثل في توسيع دائرة معارف العالِم. أكد
فقهاء مذهب الشافعي أهمية التقويم المستمر للطلاب حتى يقف المعلم أولا بأول على
مدى تقدمهم ومستوى تعليمهم. أقر فقهاء المذهب الشافعي بأهمية اختيار المعلم لطريقة
التدريس التي تتناسب مع قدرات المتعلمين وطبيعة المادة الدراسية.
وفي
دراسة ملك وأبوطالب الموسعة عن السبق التربوي في فكر الشافعي توصلت الدراسة إلى
الآتي: أولا: إن الكاتبين في ميدان التربية لم يفردوا للشافعي كتبا متخصصة في
المجال التربوي تبرز أفكاره وتبين آراءه، ولم تمتد أيدي الباحثين إلى الكثير من
كنوزه العلمية، والتي مازالت حبيسة كتبه أو مبثوثة في سيرته وترجمته. ثانيا: نجح
الشافعي نجاحا كبيرا في أن يتخذ من الشعر مادة ثرية يخدم بها غرضه التربوي فجاء
ديوانه الشعري صورة صادقة وتعبيرا واقعيا عن تجربته التربوية. ثالثا: كانت نظريات
الشافعي وأفكاره التربوية نبراسا هاديا ومنطلقا قيما لرواد التربية من بعده
يقتبسون منه، كالغزالي وابن خلدون وابن جماعة وغيرهم حتى كان هؤلاء امتدادا طبيعيا
لفكره التربوي، وكثيرا ما كانت أفكارهم مجرد صدى لآراء الشافعي. رابعا: تقوم فلسفة
التربية عند الشافعي على أساس أن العلم النافع هو الذي يستطيع أن يحقق السعادة
والاستقرار للإنسان وأن العلم في نظره عبادة. خامسا: آراء الشافعي وأفكاره
التربوية ليست وليدة دراسات في الفلسفة أو في علم الكلام كما أنها ليست ترديدا
لفكر قديم شرقي أو غربي وإنما هي اقتباس من مشكاة النبوة من القرآن والسنة لذلك
جاءت فكرا إسلاميا صافيا. سادسا: الوضوح الكامل مع الإيجاز غير المخل هما السمة
الغالبة على كل آراء الشافعي في المجال التربوي. سابعا: بلاغة الشافعي وقدرته
الفائقة على الإيجاز تتطلب ممن تصدى لشرح أقواله أن يعمد إلى الإسهاب والتوسع لكي
يحيط بكل ما في كلماته من معاني باستيعاب ووضوح. ومن تـوصـيـات الدراسة: أولا:
النصوص الشعرية والنثرية التي يمكن أن تختار من تراث الشافعي ينبغي أن تدرس في
المراحل التعليمية المختلفة، وأن يحرص القائمون على شؤون التعليم وأن يقروها حفظا
وتعليما فإنها مع دورها في التربية تنمى ملكة الحفظ وتكسب الأدب الرفيع في التعبير
وتعطي القدرة على الأداء وقدرة على العارضة، كما أنها أصول فقه وتربية وقانون
وسياسة واقتصاد واجتماع. ثانيا: إن من الأمانة العلمية أن يكتب تاريخ الفكر
التربوي وتطوره مع أبراز الرواد الأوائل الذين أسسوا الحركة الفكرية والتربوية لمن
جاء بعدهم من أمثال الشافعي.
خطة الدراسة
تشمل : المقدمة, زثلاثة
فصول, وخاتمة.
المقدمة تشمل : الافتتاحية,
ومشكلات الدراسة, وأسئلة الدراسة,
وأهداف الدراسة, وأهمية الدراسة, ومنهج الدراسة, ومصطلحات الدراسة, والدراسات السابقة, وخطة الدراسة.
الفصل الأول : ترجمة
الإمام الشافعي رحمه الله والعوامل
التي أثرت في التكوين الفكري للشافعي, وفيه مبحثان:
المبحث الأول : ترجمة الإمام
الشافعي رحمه الله
المبحث الثاني : والعوامل التي أثرت في
التكوين الفكري للشافعي
الفصل الثاني : أهم أفكار الشافعي في التربية
الفصل الثالث : أبرز الوسائل التربوية التي استعان
بها الشافعي
الخاتمة :
وتشمل أهم نتائج وتوصيات الدراسة
الفهارس
الفصل الأول
ترجمة الإمام الشافعي رحمه الله والعوامل التي أثرت في التكوين الفكري للشافعي
المبحث الأول : ترجمة الإمام الشافعي رحمه الله
محمد ابن إدريس بن العباس بن عثمان
بن شافع القرشي بن عبد المطلب بن عبد مناف وينسب إلى شافع فيقال له الشافعي، كما
ينسب إلى عبد المطلب فيقال المطلبي، كما ينسب إلى مكة لأنها موطن آبائه وأجداده
فيقال له المكي، إلا أن النسبة الأولى قد غلبت عليه. ولد بمدينة غزة بفلسطين،
حيث خرج والده إدريس من مكة إليها في حاجة له، فمات بها وأمه حامل به، فولدته
فيها ثم عادت به بعد سنتين إلى مكة. حفظ القرآن بها في سن السابعة وحفظ موطأ
مالك في سن العاشرة. اختلط بقبائل هذيل الذين كانوا من أفصح العرب فاستفاد منهم
وحفظ أشعارهم وضرب به المثل في الفصاحة. تلقى الشافعي فقه مالك على يد مالك. وتفقه
بمكة على شيخ الحرم ومفتيه مسلم بن خالد الزنجي، المتوفى سنة 180هـ، وسفيان بن
عيينة الهلالي، المتوفى سنة 198هـ وغيرهما من العلماء. ثم رحل إلى اليمن ليتولى
منصبًا جاءه به مصعب بن عبد الله القرشي قاضي اليمن. ثم رحل إلى العراق سنة
184هـ، واطلع على ما عند علماء العراق وأفادهم بما عليه علماء الحجاز، وعرف محمد
بن الحسن صاحب أبي حنيفة وتلقى منه فقه أبي حنيفة، وناظره في مسائل كثيرة ورفعت
هذه المناظرات إلى الخليفة هارون الرشيد فسُرَّ منه. ثم رحل الشافعي بعدها إلى
مصر والتقى بعلمائها وأعطاهم وأخذ منهم. ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد سنة 195هـ في
خلافة الأمين. وقد أصبح الشافعي في هذه الفترة إمامًا له مذهبه المستقل ومنهجه
الخاص به. واستمر بالعراق مدة سنتين عاد بعدها إلى الحجاز بعد ما ألّف كتابه
الحجة الذي رواه عنه أربعة من تلاميذه في العراق وهم: أحمد بن حنبل، وأبو ثور،
والزعفراني، والكرابيسي، ثم عاد مرة ثالثة إلى العراق سنة 198هـ وأقام بها
أشهرًا ثم رحل إلى مصر سنة 199هـ أو سنة 200هـ على قول بعض المؤرخين، ونزل ضيفًا
عزيزًا على عبد الله بن الحكم، بمدينة الفسطاط، وبعد أن خالط المصريين وعرف ما
عندهم من تقاليد وأعراف وعادات تخالف ما عند أهل العراق والحجاز. فكرَّ في إعادة
النظر فيما أملاه البويطي، والمزني، والربيع المرادي بالعراق. وظل بمصر إلى أن
توفي بها سنة 204هـ وضريحه بها مشهور.1
|
|
المبحث الثاني
: والعوامل التي أثرت في التكوين الفكري للشافعي
عاش
الشافعي في العصر العباسي الأول حيث كانت الخلافة الإسلامية قوية الأركان تموج
فيها التيارات العلمية وأخذت العلوم النقلية والعقلية تزدهر تحصيلا وتعليما
وتأليفا. نشأ الشافعي فقيراً، في أسرة رقيقة الحال، في مدينة عسقلان بقرية غزة في
فلسطين حرسها الله. مثله مثل آلاف العلماء وجد في الكتاتيب بداية حسنة للولوج
لعالم المعرفة.
ذكر
الذهبي بعض المواقف التربوية الهامة في طفولة الشافعي منها كما يقول عن نفسه: ”
كنت يتيما في حجر أمي ولم يكن لها ما تعطيني للمعلم وكان المعلم قد رضي مني أن
أقوم على الصبيان إذا غاب وأخفف عنه”. وعن الشافعي قال: "كنت أكتب في الأكتاف
والعظام وكنت أذهب إلى الديوان فاستوهب الظهور فأكتب فيها… كانت نهمتي في الرمي
وطلب العلم فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة … حفظت القرآن وأنا ابن سبع
سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر"2
فلما أخذ الشافعي رحمه الله في الفقه وحصّل منه على
مسلم بن خالد الزنجي وغيره من أئمة مكة ما حصّل رحل إلى المدينة قاصداً الأخذ عن
مالك بن أنس، وأكرمه مالك وعامله لنسبه وعلمه وفهمه وعقله وأدبه بما هو اللائق
بهما، وقرأ الموطأ على مالك حفظاً فأعجبته قراءته، فكان مالك يستزيده من القراءة
لإعجابه من قراءته، ولازم مالكاً فقال له: اتق الله فإنه سيكون لك شأن”. إن قصص
الشافعي عن رحلته في طلب العلم يتجلى فيها جلال العلم والعلماء فرغم بلوغ الشافعي مرتبة الإفتاء إذ أذن له
شيخه مسلم بن خالد الزنجي بذلك إلا أنه واصل طلب العلم على يد مالك بن أنس في
المدينة ومحمد بن الحسن في العراق.3
______________
2. الذهبي, شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان : سير أعلام النبلاء
. أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط . ط 2, بيروت: مؤسسة رسالة. ج: 10 .ص: 11. (1429هـ – 2008م).
3. .
الكندري, لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء
المعطيات المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص:12. 2010م.
إن المتتبع لحياة الشافعي يمكن أن
يستنبط جملة عوامل ثقافية لعبت دورا حاسما في تشكيل شخصيته، وتكوين عقليته، وبلورة
مستقبله. فيما يلي طائفة من تلك العوامل :
1. كانت والدته محبة للعلم وتحث ولدها على طلبه.
2. حرص الشافعي على اكتشاف وتنمية
طاقاته ومواهبه وعمد إلى كل الوسائل المتاحة لتطوير ثقافته.
3. ترعرع الشَّافِعي كعادة
العرب في كنف الطَّبيعة فعاش زمنا طويلا في قبيلة هُذَيْل يعب من أدبها ومعارفها.
4. عصر الشافِعي هو العصر الذَّهبي
للدَّولة العبَّاسية حيث الأمن والاستقرار كما كان الخلفاء يشجِّعون العلماء في
شتى الميادين ويحثونهم على المزيد من الإبداع والعطاء.
5. وضوح رؤية الشافعي لأهدافه
من أسباب تفوقه العِلمي إذ حَدَّدَ الشافعي هدفه منذ الصِّغر وذلك بأن يكون
مُتخصِّصاً في الفِقه.
6. قام كل من مسلم بن خالد الزّنجي
ومالك بن أنس ومحمد بن الحسن ووكيع بن الجراح وغيرهم بإعداد الشافعي إعداداً يليق
بعالِم يهدف إلى خدمة الدِّين والمسلمين. لم يكن الزنجي مجرد فقيه بل كان مربيا
ومرشدا للشافعي علاوة على كونه معلما وقال الشافعي عن مالك معلمي وعنه أخذت العلم،
وقال عن محمد بن الحسن “وإني لأعرف الأستاذية علي لمالك ثم لمحمد بن الحسن
7. الرِّحلات العِلْمِية إلى العراق
والخبرات السِّياسية في اليمن والدُّروس العِلْمِيَّة في المدينة المنورة ومصر
وسَّعت مدارِكه، وَرسَّخت علومَه، وعمَّقت علاقاته مع العلماء ومع طلاب العلم.
8. أخذ الشَّافعي عُلوماً متنوعة وجمع
بينها واستفاد من منهج المحدِّثين في قبول الرِّوايات . وكان يسير الليالي مسافرا
بحثا عن حديث نبوي شريف.
9. كانت المناظرات تصقل فكر الشافعي
وتوسع مداه. وُصف عصر الشافعي بأنه عصر المناظرات المثمرة .
10. التدريس في مكة والعراق ومصربلور
في ذهنه نظرية تربوية منبثقة من وحي الواقع وأساسيات الدين. قال أحد طلاب الشافعي
“ما رأيت مجلساً قط أنبل من مجلس الشافعي كان يحضره أهل الحديث وأهل الفقه وأهل
الشعر وكان يأتيه كبار أهل اللغة والشعر فكل يتكلم منه”. وذكر ياقوت الحموي في
معجم الأدباء “كان الشافعي رحمه اللـه يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل
القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا
ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء
أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار، ثم ينصرف”.1
___________________
1. . الكندري, لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام
الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص:13. 2010م.
الفصل الثاني
أهم أفكار الشافعي في التربية
تقوم
العملية التعليمية على عدة دعائم أهمها: المتعلم والمعلم والمنهج ووسيلة التعلم
والإشراف الإداري على العملية التعليمية وهذه الدعائم متضامنة هي الأصل في نجاح كل
عملية تربوية ومن ثم نجد الشافعي قد تناول الكثير من تلك الدعائم عبر إشارات موجزة
ومتفرقة في نتاجه العلمي. فيما يلي شواهد تثبت صحة ما سبق تأصيله.
لعل
أول وأهم فائدة يمكن استنباطها من الإمام البحث عن الحقيقة وحب العلم ورفع مكانة
العلماء. اعتبر الشافعي طلب العلم طريق السعادة وأعظم عبادة فلولاه لم يعرف
الإنسان الحق من الباطل. وفي هذا المساق قَالَ”طَلَبُ العِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ
صَلاَةِ النَّافلَةِ”. وقال أيضاً: “من أراد الدُّنيا فعليه بالعِلم ومن أراد
الآخرة فعليه بالعِلم”. ومن منظور الشافعي “العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم،
فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم. والجاهل يأنف من التعليم ويأنف من التعلم”1.
وضع الشافعي العلماء في طليعة المجتمع فهم مصابيحه وكان يقول لا ينبغي لأحد أن
يسكن بلدة ليس فيها عالم ولا طبيب. ولأن العلم عميق بحره طالب الشافعي بأخذ طرف من
المعارف (فخذوا من كل شيء أحسنه) لتنويع الثقافة كما أنه أشار إلى أن التوسع في
العلم والتخصص فيه يكشف للإنسان مدى جهله فيتواضع ويزداد تعلما. معظم المأثورات
الواردة على لسان الشافعي تصب في باب تمجيد العلم والتربية الحديثة تعتبر القيادة
الفكرية القائمة على محبة العلم من أهم ركائز الشخصية. إن محبة العلم عماد
الحياة المنتجة فإن المعرفة الصحيحة من المفترض أن تقود لتطبيقات سليمة.2
وفي
إشارة إلى الفروق الفردية، والحض على طلب العلم، والاعتصام بالإخلاص، قال الشافعي
“والناس في العلم طبقات، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به. فحق على طلبة
العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارضٍ دون طلبه،
وإخلاص النية لله في استدراك علمه: نصاً واستنباطا، والرغبة إلى الله في العون
عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه” (الرسالة، ص 2). وفي نفس الكتاب حذر من التقليد
فقال “وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم” ( ص6). وفي مجال شروط
طلب العِلم قال:
_____________
1. الذهبي, شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان
: سير أعلام النبلاء . أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط
. ط 2, بيروت: مؤسسة رسالة. ج: 14 .ص:
326. (1429هـ – 2008م).
2 . الكندري,
لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات
المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 14. 2010م.
أخي
لن تنال العلم إلا بستةِ
ذكاء وحرص واجتهاد وبُلْغَة
سأنبيك عن تفصيلها ببيــان
وصحبة أستاذ وطول زمــان
تلك
أركان عملية التعليم لا يمكن بحال من الأحوال التخلي عن ركن منها. يرى الشافعي أن
الإنسان لا يولد عالما بالتعلم هو الذي ينمي الذكاء ويرتقي بالطبع الإنساني. قال
الشافعي “الطَّبع أرض، والعلم بذر ولا يكون العلم إلا بالطَّلب، فإذا كان الطَّبع
ماثلاً زَكا ريع العلم وتفرَّعت معانيه” . ولأن المعلم من أركان العملية التعليمية
فإن الطالب الذي يعتمد كلية على مطالعة الكتب يضل الطريق لقول الشافعي “من تفقه من
بطون الكتب ضيع الأحكام”. قال عبدالقادر مايو في تعليقه على ديوان الشافعي أن
البلغة بلاغة القول وحكمته ولكن الصحيح أن البلغة هنا لا صلة لها بذلك بل المراد
امتلاك قوت اليوم والحد الأدنى للعيش. وقد ترد كلمة البلغة في الإطار التعليمي
بمعنى الراتب للمعلم أو المتعلم ومن مرادفاتها الجامكية والعلوفة والجُعل، والجعالة،
والجراية، والمعيشة، والمعلوم (جمعها المعاليم)، والصِّلة، والرِّزق، والمرتَّب.
والحرص والاجتهاد وطول زمان من أركان التعلم وحياة الشافعي ترجمة عملية لشروط طالب
العلم.
وفي
مجال إعداد المعلم فحسن الخلق حياته، وشعاره، ولا يمكن بلوغ الغاية من غيره من
منظور الشافعي. يوجز الشافعي رؤيته في نصيحة نفيسة يمكن اعتبارها من روائع تراثنا
التربوي ومن جوامع الكلم العربي. روى “أدخل الشافعي يوماً إلى بعض حجر هارون
الرشيد يستأذن على أمير المؤمنين ومعه سراج الخادم فأقعده عند أبي عبد الصمد مؤدب
أولاد الرشيد فقال سراج للشافعي: يا أبا عبد الله هؤلاء أولاد أمير المؤمنين وهذا
مؤدبهم فلو أوصيته بهم. فأقبل على أبي عبد الصمد فقال له: ليكن أول ما تبدأ به من
إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك فإن أعينهم معقودة فيك فالحسن عندهم ما
تستحسنه والقبيح عندهم ما تركته علمهم كتاب الله ولا تكرهم عليه فيملوا ولا تتركهم
فيهجروه ثم روهم من الشعر أعفه ومن الحديث أشرفه ولا تخرجنهم من علم إلى غيره حتى
يحكموه فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للسمع” . وضع الشافعي في كلمات قليلة سر
قوة المعلم المتفوق؛ القدوة الحسنة، توجيه المتعلم برفق نحو القرآن الكريم والعلوم
النافعة، والتدرج في التعليم، وإيجاز التوجيهات. لقد كان الشافعي يتوخى مؤاخاة
الطلبة والرفق بهم والتودد إليهم فكان معروفا بمبالغته في الشفقة على المتعلمين
والنصيحة لهم. وكان يزور طلابه كزيارته
لأحمد بن حنبل ومحمد بن الحكم.1
______________
1. الكندري,
لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات
المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 15. 2010م.
أشارت فاطمة محمد علي إلى أنّ فلسفة
الشافعي في تربية الفرد تقوم على تحقيق التَّكامل من خلال الآتي:
1. التَّركيز على العلم وتعليمه مع مراعاة الفروق الفردية.
2. الاهتمام باللُّغة العربيَّة.
3. الاهتمام بالتَّربية العقلية
والخلقية والجسمية.
4. مراعاة طبيعة المجتمع وواقعه
المعاصر فالشافعي غيَّر بعض اجتهاداته عندما استقرَّ في مصر.
وعلى
صعيد التربية الاجتماعية والصالح العام، أولى الشافعي أهمية كبرى للصداقة وهذا
دليل على وعي اجتماعي متقدم. طالب الشافعي الصديق بالاعتدال في مخالطة الناس حيث
قال إن “الانبساط إلى الناس مجلبة لقرناء السوء والانقباض عنهم مكسبة للعداوة فكن
بين المنقبض والمنبسط” وهنا يرسى الشافعي أساس التوسط بين القبض والبسط في
التعاملات الإنسانية. وفي أثر الصحبة قال “عاشر كرام الناس تعش كريماً ولا تعاشر
اللئام فتنسب إلى اللؤم”. يؤمن الشافعي أن الصداقة ضرورة حياتية:
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الْوَعْدِ مُنْصِفَا
إن
الحديث عن الصداقة والأصدقاء, وعن العلاقات الاجتماعية يشغل صدرا واسعا من ديوان
الشافعي. ولعل مرد ذلك يعود إلى اختلاطه بالكثير من أصناف الناس على اختلاف
مشاربهم, وتباين طباعهم, في محاولة استشفاف مداخلهم. وقد ساعده في ذلك دراسته
أحوال الرواة, ومدى وثوق العلماء بهم, وذلك من خلال جمعه وتصنيفه الأحاديث
النبوية. ولعل بعضا مما نقرؤه في الصداقة والأصدقاء في ديوان الشافعي منتحل عليه,
انتحله الرواة كيما يروج بين الناس لنسبه
إلى رجل جليل مثل الشافعي. والذي يجعلنا نشك في صحة نسبه؛ التمادي في انتزاع الثقة
من الأخوان والأصحاب والأصدقاء, وسوء الظن بهم, والطعن الصريح بسلامة نياتهم. وهي
ظاهرة لها خطورتها باعتبارها صادرة عن رجل لا يقول إلا ما يؤمن به, ويهمه من أمر
المعارف والناس والوجوه النيرة والمطالع المشرقة من تلك الشرائح الاجتماعية. 1
ولأهمية
موضوع الصَّداقة فإنَّ الشافعي في شعره خاصَّة ونثره عامَّة فصَّل القول في خصال
الصَّديق الصَّالح وقرَّر أنَّ الصَّديق الصَّادق هو الذي يغض الطَّرف عن العثرات،
ويحفظ حق صاحبه في الحياة والممات، ويُرافقه ويوافقه في كل أمرٍ يُريده ما لم يكن
الأمر من المحرَّمات، كما يقف الصاحب مع رفيقه في الأزمات. ومن صِفته حب العلم
وغني النَّفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، ولبس التَّقوى، والثِّقة بالله على كل حال،
والسَّخاء، والتَّواضع، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والمحافظة على حدود
الله تعالى، ولين الجانب، ورحابة الصَّدر، وبشاشة الوجه، وخفض الجناح. ولأنَّ
الإنسان خطَّاء فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته فهو الصَّاحب المقبول الذي يمكن
اختياره.
_____________
1.الصالحي، محسن حمود ، وزميله . مواصفات الأزواج
في عيون الزوجات: رؤية تربوية من حديث أم زرع. ط1، اقرأ- الكويت. ص: 140-141. 1428هـ – 2007م.
كان
الشافعي يعلم طلابه وأصحابه العلم والتحصيل الدراسي مقرونا بتعليم مهارات الحياة
الأخلاقية. قال الشافعي ذات يوم لأحدهم في نصيحة طويلة عن الصداقة جاء في مقدمتها:
“إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادر بالعداوة وقطع الولاية، فتكون ممن
أزال يقينه بشك، ولكن ألقه وقل له: بلغني عنك كذا وكذا، وأجدر أن تسمى المبلغ، فإن
أنكر ذلك فقل له: أنت أصدق وأبر، ولا تزيدن على ذلك شيئاً …” وقال “رضا الناس غاية لا تدرك، فانظر ما فيه
صلاح نفسك في أمر دينك ودنياك فالزمه”.
شأنه
شأن أي عالم مسلم كان للأخلاق نصيبا واضحا في تعاليم الشافعي فالغاية السامية
للتربية تهذيب الأخلاق لترسيخ دعائم العدل. قال الشافعي:
إذا
لم يزد علم الفتى قلبه هـــدى
فبشره أنَّ الله أولاه نقمــــــة
وسيرته عدلاً وأخلاقـه حُسنــا
يساء بها مثل الذي عبد الوثنــا
في
البيتين السابقين وضع الشافعي هدف التربية الإسلامية بإقامة العدل فالذي يقوم
بالقسط يعرف حق ربه عليه، ويعمد إلى الأخلاق الحسنة ليتعامل مع البشر. التربية
بالعمل الصالح نعمة وبلا عمل نقمة وحجة على صاحبها. التربية النافعة تؤثر على كيان
وجنان وأركان الإنسان فتهديه لصالح الأعمال وتجنبه المهالك.
لا يستغني الحصيف عن مراجعة الذات.
ولعل فلسفة الشافعي التربوي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبيتين التاليين:
يعيبُ النَّاسُ كلهم الزَّمانا
نَعيبُ زمانَنا والعيبُ فينا
وما لزمانِنا عيبٌ سوانـا
ولو نطقَ الزمانُ إِذاً هجانا
خير
ما يمكن أن نقدمه للناشئة اليوم هو أن الناجح هو الذي يتوقف تماما عن لوم الآخرين
والابتعاد عن لعب دور الضحية والمظلوم حتى لا نخسر المستقبل وكي لا نضحي بمصيرنا.
إن الخطأ ليس في العصر بل في البشر. إننا في الغالب الأعم لا نُدين أنفسنا ولا
نحاسبها بانتظام ولكن نلوم للأسف من حولنا وقد نذمهم بانتظام، ولو كان بصرنا حديدا
لأبصرنا تقصيرنا أولا، وسوء تدبيرنا ثانيا. إن البصير هو الذي يحاسب نفسه قبل أن
يعاتب غيره فمن أصلح نفسه سهل الله دربه وسدد خطاه. وبناءا على ما سبق، فإن من أهم
مفردات تحمل المسئولية محاسبة النفس وفي هذه المرحلة يفكر المرء بشكل مستمر بما
يمكن أن يقدم وما الميادين التي يمكن أن يخدم بها وكيف يحقق النجاح. من أهم مبادئ
الحياة محاسبة النفس لدفعها نحو المزيد من الانجاز. إن تحمل المسئولية من أهم
واجبات وحقوق الإنسان. قال تعالى “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (الرعد: 11). يمتلك كل فرد قدرة وإرادة لتهذيب
نفسه على مستوى النفس، والاعتقاد، والفكر، والسلوك ولا تنفع الاستطاعة في تغيير
المستويات الثلاثة (المستوى الفكري والنفسي والسلوكي) إذا لم تكن رغبة التغيير
صادقة، وطرقها صحيحة. وبالعلم والإرادة والإيمان يمكن بلوغ الغايات.
إن
الشواهد السابقة وغيرها أكثر تثبت بأن نثر وشعر الشافعي يتضمن الكثير من المبادئ
التربوية النفسية والاجتماعية والدينية والثقافية التي لا زالت ذات قيمة في حياتنا
اليومية.1
________________
1. الكندري, لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام
الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 18. 2010م.
الفصل الثالث
أبرز الوسائل التربوية
التي استعان بها الشافعي
استخدم
الشافعي وسائل تربوية عديدة وعمل على تطبيقاتها, يقول الشافعي لأحد تلاميذه “يا
ربيع, لو أمكنني أني أطعمك العلم لأطعمتك”. وروى السبكي” كان الربيع بطئ الفهم
فكرر الشافعي عليه مسألة واحدة أربعين مرة فلم يفهم وقام من المجلس حياء فدعاه
الشافعي في خلوة وكرر عليه حتى فهم وكانت الرحلة فى كتب الشافعي إليه من الآفاق
نحو مائتي رجل وقد كاشفه الشافعي بذلك حيث يقول له فيما روى عنه أنت راوية كتبي”.
هكذا كان صبر الشافعي مع طلابه فتحققت مطالبه ونال مبتغاه.
وعلى
مستوى طلب العلم، أوجز الشافعي القول في فوائد الرحلة في طلب العلم في بيتين من
الشعر فقال عن مكاسب السفر:
تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا
تَفَرُّج هم، واكتساب معيشــةٍ
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
وعلمٌ، وآدابٌ، وصحبة ماجــد
ومن
جهة أخرى، وجد الشافعي المناظرة وسيلة عجيبة لتوصيل الأفكار وترسيخها في الأذهان.
الغرض من المناظرة عند الشافعي البحث عن الحقيقة لا كسب المواقف، والانتصار للنفس،
وإفحام الخصم، واستعراض المواهب. قال الشافعي “وددت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الله
الحق على يديه”. ” وقال: المراء في العلم يقسي القلب ويورث الضغائن. وقال ما ناظرت
أحداً قط على الغلبة، وفي رواية: ما ناظرت أحداً قط إلا على النصيحة. ومن آداب
المناظرة ما قاله ابن الشافعي: “ما سمعت أبي ناظر أحداً قط فرفع صوته”. وقال
الشافعي: وددت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الله الحق على يديه”. ولأن الاختلاف في
الرأي لا يفسد للود قضية نجد الشافعي في نهاية إحدى المناظرة يذكر بهذه القاعدة
الذهبية فيقول “ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة”. عرف الشافعي أن
المراء والمماحكات الكلامية لا تصل إلى خير بل تقسي القلب، وتضيع الأوقات، وتفوت
الفرص الثمينة لهذا نجده يرفض تحويل المناظرة إلى حلبة تصارع فيوصي بحسن الخلق
خاصة ساعة المناظرة فيقول:
أُحبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ جُهْدِي
* وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
وفي هذا السياق أيضا تتألق توجيهات
الشافعي التي قال فيها:
إذَا مَا كُنْتَ ذَا فَضْلٍ وَعِلْمٍ
فَنَاظِرْ مَنْ تُنَاظِرُ فِي سُكُونٍ
يُفِيدُكَ مَا اسْتَفَادَ بِلاَ
امتِنَانٍ
وَإَيَّاكَ اللَّجُوجَ وَمَنْ
يُرَائِي
بِمَا اخْتَلَفَ الأَوَائِلُ وَالأَوَاخِرْ
حَلِيمَاً لاَ تُلِحُّ وَلاَ
تُكَابِرْ
مِنَ النُّكَتِ اللَّطِيفَةِ
والنَّوادِرْ
بَأَنِّي قَدْ غلبتُ وَمَنْ يُفَاخِرْ
قيل
للشافعي: أخبرنا عن العقل يولد به المرء؟ فقال: لا ولكنه يلقح من مجالسة الرجال
ومناظرة الناس”. إن المناقشات الرصينة، والحوارات الهادفة ذات قيمة رفيعة في عصرنا
وجميع العصور لأنها توسع الأذهان وترتقي بها، وتدرب الفرد على تلاقح الأفكار،
وتكسبه مهارات التحدث والمناقشة تزيد من ذكائه اللغوي. قيل “للشافعي: من أقدر الناس على المناظرة؟ فقال من عود لسانه
الركض في ميدان الألفاظ ولم يتلعثم إذا رمقته العيون بالألحاظ، ولا يكون رخي البال
قصير الـهمة فإن مدارك العلم صعبة لا تنال إلا بالجهد والاجتهاد، ولا يستحقر خصمه
لصغره فيسامحه في نظره بل يكون على نهج واحد في الاستيفاء والاستقصاء لأن ترك
التحرز والاستظهار يؤدي إلى الضعف والانقطاع”. “أحسن الاحتجاج ما أشرقت معانيه،
وأحكمت مبانيه، وابتهجت قلوب له سامعيه” .1
_____________
1. الكندري,
لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات
المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 20. 2010م
وللشافعي
نصيب وافر في فنون الوعظ والنصح فلقد وظف بيانه الساحر في ترقيق القلوب ونشر
الفضيلة. ومن مواعظه “وكن في الدنيا زاهداً وفي الآخرة راغباً واصدق الله تعالى في
جميع أمورك تنج غداً مع الناجين. وقال: من كان فيه ثلاث خصال فقد أكمل الإيمان: من
أمر بالمعروف وائتمر به ونهى عن المنكر وانتهى عنه وحافظ على حدود الله تعالى…”.
“وقال له رجل أوصني فقال: إن الله تعالى خلقك حراً فكن حراً كما خلقك. وقال: من سمع بأذنه صار حاكياً، ومن
أصغى بقلبه كان واعياً، ومن وعظ بفعله كان هادياً”. هذه المواعظ وغيرها تتضمن
معاني غاية في الروعة كقوله إن الله تعالى خلقك حراً فكن حراً كما خلقك فلا ريب أن هذه المعاني تزرع العزة في
نفس المتعلم فلا يذل نفسه لأحد سوى الله ويجاهد من أجل حريته الصحيحة وحرية بلده
وأمته. كانت مواعظ الشافعي تتدفق حتى عندما كان في مرض موته ودون طلابه معظم تلك
المواعظ. “وليس كل ما يعرف يقال في الملأ لهذا قال الإمام: من وعظ أخاه سراً فقد
نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه .
وفي
ظل السياق السابق، استخدم الشافعي القصة أيضا ورغم قلة قصص الشافعي إلا أنها ذات
قيمة عالية لا سيما تلك الروائع التي رواها عن طلبه العلم فإن قصص الشافعي عن طلبه
للعلم في طفولته وشبابه من القصص التعليمية الجيدة في الأدب العربي. وقص كذلك
محنته وأزمته السياسية في اليمن من جهة، وما حصل له في رحلاته من مواقف طريفة من
جهة أخرى. ومن ذلك قوله “كنا في سفر في أرض اليمن، فوضعنا سفرتنا لنتعشى، وحضرت صلاة
المغرب، فقمنا نصلي ثم نتعشى، فتركنا السفرة كما هي، وقمنا إلى الصلاة، وكان فيها
دجاجتان، فجاء الثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين فلما قضينا الصلاة، أسفنا عليها، وقلنا
حرمنا طعامنا فبينما نحن كذلك، إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كأنه الدجاجة فوضعه،
فبادرنا إليه لنأخذه ونحن نحسبه الدجاجة قد ردها، فلما قمنا جاء إلى الأخرى وأخذها
من السفرة وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه فإذا هو ليف قد هيأه مثل الدجاجة” .
وفي
نطاق العقاب البدني كوسيلة تربوية فإن الشافعي يرى أنه يمكن تأديب الأطفال من غير
الضَّرْبِ. يعتقد كثير من الخبراء أن العقاب البدني كاختيار أخير غالبا لا يحل
المشكلات بل يعقدها فلا يتحسن السلوك. قال الإمام الشافعي في كتابه الأم وهو يتحدث
عن الحياة الزوجية “وَلَوْ تَرَكَ الضَّرْبَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِقَوْلِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ }”.
وقال “الاختيار ترك الضرب”. إن أساليب التهديد والوعيد والعقاب والضرب ثبت بطلانها
في الغالب بل إن أساليب العقاب البدني عموما ما تضر بنفسية الطفل وتأتي بآثار
عكسية , وتسبب
المزيد من الإمعان في عناد الطفل وتعنته وسوء سلوكه .
قال
الشافعي في كتابه الأم “فإذا بلغ الغلام الحلم والجارية المحيض غير مغلوبين على
عقولهما أوجبت عليهما الصلاة والفرائض كلها وإن كانا ابني أقل من خمس عشرة سنة
وجبت عليهما الصلاة وأمر كل واحد منهما بالصلاة إذا عقلها فإذا لم يعقلا لم يكونا
كمن تركها بعد البلوغ وأدبهما على تركها أدبا خفيفا”. والشافعي يفضل الابتعاد عن
العقاب البدني لقوله في كتابه الأم “ومعلم الكتاب والآدميين مخالف لراعي البهائم
وصناع الأعمال لأن الآدميين يؤدبون بالكلام فيتعلمون وليس هكذا مؤدب البهائم، فإذا
ضرب أحداً من الآدميين لاستصلاح المضروب أو غير استصلاحه فتلف كانت فيه دية على
عاقلته والكفارة في ماله والتعزير ليس بحد يجب بكل حال” وهكذا ضيَّق الشافعي من
مجال العقاب البدني فالمعلم ضامن لسلامة المتعلم ومسئول عن عواقب العقاب البدني.1/2
_____________________
1. الكندري, لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام
الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. ص: 21. 2010م
2. ملك, بدر محمد, ةزميله: السبق التربوي في
فكر الشافعي . المنار الإسلامية. الكويت. ص: 279. بدون التاريخ.
الخاتمة
أهم النتائج
1. تضافرت عدة عوامل
في عملية تكوين الملكة العلمية لدى الشافعي منها أنه عاش عصر القوة والاستقرار النسبي
في الدولة العباسية حيث محفزات العطاء العلمي، وأنه استفاد من أساتذته حق الاستفادة
وكان على وعي تاريخي كامل بمشروعه الفكري كناصر للسنة النبوية رواية ودراية، وكأول
مدون لأصول الفقه فحقق قيادة فكرية للأمة وأعد طلبة يحملون فكره ناصعا عبر العصور.
2. شجع الشافعي الاجتهاد ووضع قانونا عاما (أصول الفقه) يحد من الوقوع
في الخطأ ويفيد الباحثين في طريق المعرفة القائمة على أصولها الدينية والمنطقية السليمة
لضبط الاستنباط وفتح آفاق البحث.
3. نظرات الشافعي تدل على رسوخ قدمه في التربية حيث تناول بإيجاز بليغ
هدف التربية ووسائلها وشروط طالب العلم.
4. من قواعد التعليم الإيجاز عند التفهيم وتقرير القواعد ووضع التعريفات
والتعميمات، والإسهاب عند الشرح والموعظة.
5. وضع الشافعي في كلمات قليلة سر قوة المعلم المتفوق؛ القدوة الحسنة،
وتوجيه المتعلم برفق نحو القرآن الكريم والعلوم النافعة، والتدرج في التعليم، وإيجاز
التوجيهات.
6. اعتنى الشافعي بالمناظرة عناية فائقة وجعل حسن الخلق أساس التباحث من
أجل المنفعة المشتركة والارتقاء بالفكر من جهة، وتجنبا للتكلف من غير حاجة، والمراء
والمداهنة من جهة أخرى.
7. ليس كل ما روي عن الشافعي صحيح، وليس كل صحيح –عنه وعن غيره- يؤخذ بلا
تمحيص، بل لا بد من الفحص الدقيق وانتقاء الصحيح وتبني ما استقام مقصده وحسن معناه،
وناسب متطلباتنا الراهنة وتطلعاتنا القادمة.
التوصيات
1. دراسة رواد الفكر في إطار التراث التربوي العالمي والحذر من عزل التراث
وتفسيره في دائرة ضيقة وأدبيات محدودة.
2. تقديم دراسات تربوية موسعة باللغة الأجنبية عن الشافعي ونشرها على شبكات
الانترنت للتعريف بإبداعات الحضارة العربية الإسلامية وبصانعي الفكر الإسلامي.
3. تقديم دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات لبيان أفكار الشافعي وسبل توظيفها
في رفد الواقع التعليمي والتربوي.
4. تعريف الناشئة بأخلاقيات طالب العلم عبر برامج إعلامية عالية التقنية
تحاكي التطور العصري وقادرة على جذب الأنظار والتأثير في النفوس.
5. عمل موسوعة مصورة للطفل تتضمن أعلام التربية الإسلامية والمفردات التراثية
ذات الصلة بتعليم وتربية الطفل مع التركيز على أخلاقيات طالب العلم من الجنسين.
فهرس
الموضوعات
المزضوع الصفحة
المقدمة............................................................................................ 1
الافتتاحية....................................................................................... 1
مشكلات الدراسة............................................................................. 1
أسئلة الدراسة............................................................ .................
.. 2
أهداف الدراسة............................................................................... 2
أهمية الدراسة............................................................................... 2
منهج الدراسة.............................................................................. 4
مصطلحات الدراسة..................................................................... 4
الدراسات السابقة........................................................................ 5
خطة الدراسة............................................................................ 6
الفصل الأول : ترجمة
الإمام الشافعي رحمه الله والعوامل
التي أثرت في
التكوين الفكري للشافعي............................................................... 7
التكوين الفكري للشافعي............................................................... 7
المبحث الأول : ترجمة الإمام الشافعي رحمه الله.................................. 7
المبحث الثاني
: والعوامل التي أثرت في التكوين الفكري للشافعي............. 8
الفصل الثاني : أهم أفكار الشافعي في التربية.................................. 10
الفصل الثالث : أبرز الوسائل التربوية التي استعان بها
الشافعي.............. 15
الخاتمة
.................................................................................. 19
فهرس الموضوعات
................................................................. 21
فهرس المراجع........................................................................ 22
فهرس المراجع
القرآن الكريم
ملك, بدر محمد, ةزميله: السبق التربوي في فكر الشافعي .
المنار الإسلامية. الكويت. بدون التاريخ.
البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت : تاريخ بغداد. بيروت: دار الكتب.
(1997م).
الذهبي, شمس الدين محمد بن أحمد بن
عثمان: سير أعلام النبلاء . أشرف على تحقيق
الكتاب وخرج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط . ط 2, بيروت: مؤسسة رسالة. (1429هـ – 2008م).
الشافعي, محمد بن إدريس: ديوان الشافعي. تحقيق: محمد
عبدالمنعم خفاجي. بيروت: عالم الكتب. (13410هـ 1990م).
الشافعي, محمد بن إدريس : االرسالة. شرح
وتحقيق: أحمد محمد شاكر. ط1, القاهرة: دار الآثار. (1429هـ – 2008م).
الصالحي، محسن حمود ، وملك ، بدر محمد
: مواصفات الأزواج في عيون الزوجات: رؤية تربوية من حديث أم زرع. ط1،
الكويت: اقرأ. (1428هـ
– 2007م).
علي, فاطمة محمد: الفكر التربوي عند الإمام الشافعي. رسالة مقدمة
لكلية التربية للحصول عل درجة الماجستير بشبين الكوم: جامعة المنوفية (1401هـ
– 1981م).
الكندري, لطيفة حسين وزملاؤه. المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي
في ضوء المعطيات المعاصرة. جامعة سوهاج- الكويت. 2010م
Tidak ada komentar:
Posting Komentar